حكاية سبك

سبك.. مشروع شامل لمواقع وبرنامج وبرامج لرصف الحرف العربي؛  على أصول الخطوط العربية، وتسهيل الإفادة منها؛ ومن أبرز الخطوط التي ينفرد بها: خط الثلث العثماني، وخط النسخ العثماني، كلاهما نسبة لخطاط سبك/ عثمان طه.. وخطوط النسخ للنشر، وخط شواهد القرآن، والخط الكوفي القديم، والمطور، وخطوط أحمد الفهد.

تمت كتابة جميع حروف هذه الخطوط بحجم كبير بيد الخطاط نفسه، وبإشرافه، بجميع التراكيب الممكنة، ثم معالجتها حاسوبياً بدقة عالية، وصنع تراكيب جديدة حسب نسق كل حرف وما يليه، خضعت جميع هذه العمليات للمراجعات والمتابعات والتعديل بإشراف كل خطاط، وباستشارة وتوجيه المتخصصين من مصممي الخطوط في سبك.. 

وبعد اعتماد هذه الحروف والتراكيب والتي يطلق على كل مجموعة منها في كل خط مصطلح (طقم الخط) عمل عليها مبرمجو الخطوط، وعمل لكل خط فونت خاص به، وبرنامج كتابة لاستخدام الخط..

خط الثلث العثماني
من الفكرة حتى الإطلاق

وكان من أهم خطوط سبك التي نحرص عليها، خط الثلث الذي يعدّ رأس الخطوط العربية وأروعها، ولذا لقب بملك الخطوط، وبه تقاس إمكانات الخطاط وتمكنه. وتكاد تقتصر استخداماته على الأسماء والعناوين، واللوحات الفنية.

كان هناك عدة محاولات لتطويع هذا النوع من الخطوط رقميا، وإتاحته للمستخدم العربي، وبخاصة لفئة المصممين الذين لايستغنون عنه في العناوين، وقد بدأت هذه المحاولات بعمل مبكر متواضع من برمجة خط غير دقيق للثلث، كان في حقيقة ما ظهر عليه تشويها لمعالم هذا الخط العملاق، رتع فيه من لا يميز!

ثم ظهر مؤخرا برنامج الكلك الشهير، والذي قرّب هذا الخط للمستخدمين، وتمت برمجته بطريقة جديدة، دون إتاحة الخط للاستخدام، ولارتفاع سعره قل انتشاره، ومع هذه المحاولات في إيجاد عمل رقمي للكتابة بخط الثلث، إلا أنها لم تقرب من جمال الكتابة اليدوية، والتي تنفرد كثيرا بتركيبات الثلث الرائعة!

كما أن إتاحة خط الثلث بهاتين الطريقتين المنفصلتين _ برمجة فونت، وبرنامج رصف للحرف_ أباح كلأ هذا الحمى الملكي لكل محسن ومسيء، مما أخرج ما لايسر! أضف إلى ذلك فَقْدَ بعض الجمال في أحرف برنامج الكلك، وفقدان التراكيب المتكاملة فضلاً عن الشاملة! مما أفقد الخط جمالياته! حتى تنودي هل من بديل؟

ولقد كان من أكثر رغبات المصممين والمحترفين وكبار الخطاطين، أن يتم وضع طقم خط للثلث لأحد كبار الخطاطين المتقنين له، وتتم برمجته إثر ذلك، وقد كان في مقدمة هؤلاء الخطاطين المقترحين لهذا المشروع، بل إن كثيرا ممن يتمنى ذلك لايذكر غيره، المبدع الكبير، شيخ الخطاطين / عثمان طه، الذي برع وأبدع في هذا الخط، ووضع له فيه بصمة خاصة، ولا زالت إبداعاته فيه محـط تأَمل وانبهار.

 

ويتميز خط الثلث العثماني (نسبة لعثمان طه) بإشراقته وسبك تركيباته، وروعة حروفه، حتى أصبح لعثمان طه مدرسته الخاصة بهذا الفن، لا يكاد يشاركه فيها أحد، هذا الفن الذي تغلغل في تفاصيله ونقوشه، حتى أصبح من الصعب محاكاته رقمياً أو استبداله بتقنيات أخرى.

وما يجعل خط الثلث العثماني فريدًا ليس فقط جمال الحروف وتراكيبه، ولكن أيضًا الروح التي يضفيها الخطاط على كل حرف، مما يجعله عملاً فنيًا يستحق الاحترام والتقدير.

 

مشروع رقمنة خط الثلث العثماني

 مبادرة لتحويل خط الثلث التقليدي للخطاط عثمان طه إلى نسق رقمي، تجسيدًا للتراث العربي العريق.

العلاقة مع الخطاط عثمان طه

بدأت العلاقة مع الخطاط عثمان طه من حين وصوله إلى المملكة عام 1408 للهجرة، حين تعين خطاطاً للمصحف الشريف في مجمع الملك فهد، وتوطدت العلاقة بينه وبين مؤسس مشروع سبك، الذي زامله في المجمع ربع قرن، ولقد كان عثمان طه رفيق الدرب في كتابة العناوين والمسميات لأغلفة إصدارات دار النشر التي يملكها، وكذلك للمشاريع الخاصة به، او التي يشرف عليها، والتي كانت تكتب غالباً بخط الثلث العثماني بيد الخطاط.

ولقد كانت فكرة حفظ خطوط عثمان طه تراود فكرة المؤسس منذ فترة بعيدة، وكان من المؤسف حقاً أن يفوت الأمة هذه الذخيرة الكامنة لدى هذا الخطاط، الذي تجاوز الثمانين من عمره حينها.

  • تمت مفاتحة الخطاط بهذه الرغبة، وبدأ بكتابة طقم خط النسخ، حتى انجزه، ثم تهيب كتابة طقم الثلث، لما يرى في ذلك من صعوبة، وكان يظهر الخشية من عدم قدرة المصممين والمبرمجين على وضع منهج وآلية لتركيب الكلمات من حروفه…
  • بعد فترة، بدأ الخطاط بمشروع طقم خط الثلث، وكان سعيدًا به، ولم يدخر وسعاً في إتقانه والتوسع في تراكيبه.
  • في رمضان من عام 1433هـ، تم استلام طقم ملك الخطوط: خط الثلث، بجميع هيئاته وتراكيبه، بعد عمل قارب العامين، لينضم إلى عائلة ‘سبك‘.

  • بعد بداية استلام الخط ووضع آلية معالجة الحروف حاسوبياً، وعرضها على الخطاط، قام بإعادة رسم الحروف بشكل جديد ومتقن.
  • وقد قام فريق العمل ببذل الجهد بما يليق بهذه العمل الكبير، بإشراف مباشر من الخطاط/ عثمان طه، وبالتوسع في تراكيب طقم الخط، حتى تجاوزت حاسوبياً أكثر من 30000 تركيب.

عند انتهاء طقم خط الثلث، وما تميز به من جمال، وإبداع الخطاط في تراكيبه، وما بذله فريق العمل لإخراجه كبرنامج، وموقع، وفونت، لم أتردد في تسميته “خط الثلث العثماني”.

  • نضع اليوم هذه المتجر لطلبات المهتمين والمتذوقين لهذا الخط الخاص.
  • نعمل على مشاريع رائدة لتوسيع الاستفادة من خط الثلث خصوصاً وخطوط سبك عموما.
  • نسعد بما يلقاه هذا المشروع من العناية من المهتمين بالخط العربي والإرث الإبداعي..
  • هذا الخط جزء من “سبك” لكنه سيكون له عناية خاصة.
  • ونجدها فرصة لطلب التواصل من المبرمجين وشركات البرمجة الكبرى للتعاون معنا في إنجاز برنامج سبك.
  • وفي ختام هذا الحديث عن ملك الخطوط وجماله، نأمل أن يستمر هذا الخط في الازدهار وأن يظل رمزًا للجمال العربي وتراثه، وكذلك نأمل أن تتواصل الجهود في تطوير أدوات تكنولوجية تحافظ على هذا الجمال، وتسمح للأجيال الجديدة بالتمتع بفن الخط الثلث وابتكاراته.